المرأة والطفل

سرطان الثدي… يمكن التغلب عليه بالكشف المبكر

على الرغم من ارتفاع معدلات الشفاء والنجاة من سرطان الثدي إضافة إلى طول أمد حياة الناجيات منه، إلا أن نسب الإصابة لا تزال تشهد ارتفاعا ملحوظا ليبقى في صدارة السرطانات التي تصيب النساء مخلفا وراءه آثارا مرضية ونفسية كبيرة على المرأة. 

فكانت حملات التوعية التي تدعو دائما إلى الكشف المبكر هي السبيل لاكتشاف المرض مبكرا وحماية المريضة من انتشاره إلى خارج منطقة الثدي؛ هذه الخطوة ساهمت إلى حد كبير في تجنب عملية الاستئصال الكامل والاكتفاء بإزالة الورم السرطاني مع خضوع المريضة إلى عدد من الجلسات العلاجية الكيميائية والإشعاعية قبل العملية وبعدها، بحسب بروتوكول العلاج المناسب لحالتها المرضية. ومع تطور الطب، استفادت مريضات سرطان الثدي بشكل كبير سواء من حيث ارتفاع نسبة الشفاء أو من حيث طول أمد الحياة بعد العلاج او من حيث فعالية العلاج بحد ذاته، فضلا عن سبل التشخيص من خلال تصوير الثدي بتقنية الأبعاد الثلاثية والرباعية ايضا والتي تكشف الخلايا السرطانية عندما يكون قطرها صغيرا جدا. هذه العوامل مجتمعة كان لها الدور الأساس في الحد من الخوف الذي ينتاب المرأة عند سماعها بنبأ إصابتها، وكذلك باتت تشجع أكثر للذهاب إلى الطبيب وإجراء الفحص الضروري كخطوة وقائية.

سرطان الثدي إذًا يحتل المراتب الأولى بين السرطانات التي تصيب النساء، ينتج عن نمو غير طبيعي لخلايا الثدي، ويبدأ من البطانة الداخلية لقنوات الحليب أو الفصوص التي تغذيها بالحليب. يتغير لون الجلد وشكله، وتصبح ملامح الجلد أقرب إلى قشرة البرتقال، نتيجة مهاجمة القنوات الليمفاوية وإغلاقها وحدوث استسقاء في الثدي.

الكشف المبكر… ضرورة للنجاة 

تكمن أهمية الكشف المبكر بهدف اكتشاف الخلايا الخبيثة في أولى مراحلها ما يزيد من فعالية العلاج. بعد سن الأربعين، على كل سيدة التوجه الى مراكز او مستشفيات تقوم بإجراء صورة الماموغرافي للكشف عن وجود كتل ما، تبدأ بالتكوّن داخل الثدي من دون ان تشعر بها، حيث تركز حملات التوعية دوما على ضرورة إجراء هذه الصورة على صحة السلامة لأنه وبمجرد ظهور الأعراض فذلك يعني ان المرض قد بدأ.

تصوير الثدي بالأشعة “ الماموغرافي” من أفضل طرق التشخيص وأكثرها دقة لاكتشاف أي تكوّن للخلايا الخبيثة.  ويمكن أن يسمح لبعض الحالات أن تخضع لفحص الماموجرام كل سنتين إن لم تكن لديها عوامل خطر، وكانت الفحوصات الأولية طبيعية.  تعتبر هذه التقنية  هي الأكثر فعالية للكشف عن وجود سرطان في الثدي في مراحله المبكرة وربما قبل إمكانية كشفها من قبل الأخصائي الطبي بفترة طويلة.

فالماموغرافي هي نوع من أنواع صور الأشعة السينية المستخدمة للكشف عن وجود تكتلات أو أورام في الثديين، حيث يتم تصوير كل ثدي بوجهتين مختلفتين للحصول على تحليل دقيق. أثناء الفحص، يتم ضغط الثدي بين لوحين من البلاستيك، حيث تصبح أنسجة الثدي مسطحة وبالتالي يسهل تصويرها. بشكل عام، التصوير الشعاعي غير مؤلم، ولكنه قد يسبب شعوراً بعدم الراحة لفترة زمنية بسيطة. كما تنصح السيدات اللواتي يعانين من الحساسية الزائدة بالقيام بالفحص الشعاعي للثدي (الماموغرام) فور الإنتهاء من الدورة الشهرية وحتى منتصف الشهر من الدورة، حيث يكون الثدي أقل حساسية. اما الحالات التي لديها عامل وراثي جراء إصابة إحدى القريبات بسرطان الثدي مثل الأم او الأخت او الخالة او العمة، فيجب عليها بدء الفحص قبل سن الأربعين. فيفحص الثدي إكلينيكياً بفحص الرنين المغناطيسي كل سنة.

ثلاثي الأبعاد

وسيلة التشخيص هذه شهدت بدورها المزيد من التطور الذي ترافق مع تطور تقنيات التصوير الطبي، فبات تصوير الثدي اليوم ثلاثي الأبعاد ما أسهم بشكل كبير في الكشف المبكر عن سرطان الثدي، وبالتالي تفادي مضاعفاته، وبدء العلاج، الأمر الذي يضمن الشفاء التام للمصابات.

في التصوير ثلاثي الأبعاد، تتحرك أنبوبة الأشعة السينية بداخل الجهاز من اليمين إلى اليسار. ويتم أخذ سلسلة من الصور من قطاعات مختلفة للثدي بسمك 1 ملليمتر من خلال استخدام جرعة قليلة جدا من الإشعاع. كما ان  الجرعة الكلية للإشعاع التي يتم تلقيها في هذه العملية تكافئ الجرعة التي يتم تلقيها في الماموغرام  Mammogramالطبيعي. من خلال هذه التقنية المتطورة، بات من السهل الكشف عن وجود السرطان؛ فنسيج الثدي المكون من نسيج داعم من الدهون ونسيج الغدة اللبنية يمكن أن يخفي نسيجا سرطانيا، خاصة إذا كان نسيج الغدة اللبنية والنسيج الداعم زائدا كما في حالة الثديين الكبيرين بحيث يمكن للكتل السرطانية أن تختفي خلف هذا النوع من النسيج. كما يمكن أن يحدث العكس تماما عندما تتزاحم أنسجة الثدي مع بعضها لتسبب مظهرا يشبه السرطان ولكنه ليس سرطانا.

فالتصوير الشعاعي ثلاثي الأبعاد للثدي غير محدود على صورة ثابتة واحدة ولكن يمكنه الحصول على سلسلة من الصور للثدي. لذلك فإن خطر التشخيص الخاطئ يقل كثيرا لأنها أشبه بغلاف الكتاب تكشف عن جميع صفحاته وتتجنب أيضا حدوث أخطاء في التشخيص. كما ان هذه التكنولوجيا هي في الأساس امتداد لتصوير الماموغرام الرقمي، ويمكن دمج الصور الملتقطة في صورة ثلاثية الأبعاد تساعد على رؤية المناطق الأقل وضوحاً والتي يمكن أن تخفي الأورام السرطانية. ومع هذه التقنية الحديثة ترتفع نسبة التشخيص الدقيق وتنخفض الحاجة الى اجراء المزيد من التصوير غير الضروري او حتى الخزعات او العمليات غير الضرورية.

في اليوم المحدد لإجراء الصورة، هناك بعض الأمور التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار؛ أولى هذه الأمور عدم وضع المواد المزيلة للعرق، مزيلات الروائح، البودرة، الكريمات أو العطورات في منطقة الإبط أو على الثدي لان الجزيئات المعدنية الموجودة في المساحيق أو مزيلات الرائحة قد تظهر على صورة الماموغرام  وتحدث تشويشاً.

كما ان استخدام مسكنات الألم الشائعة مثل الأسبرين وغيرها قبل ساعة من موعد التصوير يمكن أن يخفف من الإزعاج المرافق له.

يتم نزع الملابس عن الجزء العلوي من الجسم وخلع أية حلي موضوعة في الرقبة، وتقف المريضة مقابل جهاز التصوير ويتم وضع أحد الثديين على السطح الحامل للفيلم. ثم يتم تدريجيا ضغط الثدي على السطح بواسطة لوح بلاستيكي شفاف، ويستمر الضغط لثوان عدة وقد يكون مزعجاً أو حتى مؤلماً لكنه غير مؤذ؛ أما الغاية من الضغط فهي تقليل سماكة الثدي والسماح للأشعة باختراق نسيج الثدي، كما أن الضغط يقلل التشويش الناجم عن حركة الثدي ويقلل جرعة الأشعة اللازمة.

الفحص الذاتي للثدي

قبل سن الأربعين، على المرأة القيام بفحص ثدييها ذاتيا، وهو ما يعرف بالفحص الذاتي للثدي. الوقت الأنسب لإجراء الفحص الذاتي للثدي هو بعد الإنتهاء من الدورة الشهرية، وتحديداً ما بين اليوم 7-10 من بداية الدورة الشهرية؛ في هذه المرحلة، يكون الثدي أقل حساسية واحتقانا. ينبغي ملاحظة اي تغير في الثديين من حيث الحجم او اللون او شكل الجلد او ملاحظة وجود أي إفرازات غير طبيعية تخرج من الحلمة.

يتألف الفحص الذاتي للثدي من مرحلتين:

1. تأمل الثدي أمام المرآة والقيام ببعض الحركات للبحث عن أي تبدلات في شكل الثدي؛ ويجب القيام بالحركات التالية أمام المرآة:

  • رفع اليدين للأعلى ووضعهما خلف الرأس.
  • وضع اليدين على الوركين ثم عصرهما على الوركين بقوة.

2. الإنحناء للأمام بحيث يتدلى الثديان للأسفل.    جس الثدي: 

  • يجب فحص الثدي بواسطة راحة أصابع اليد للبحث عن أي كتل أو قساوة في الثدي.
  • وضع اليد اليُسرى خلف الرأس واستخدام اليد اليمنى في فحص الثدي الأيسر.
  • استخدام راحة الإصبعين الأول والثاني لجس الثدي من خلال حصر الثدي بين أصابعك وبين عظام الصدر.
  • البدء بالجس من منطقة الحلمة والانتقال بشكل تدريجي نحو محيط الثدي.
  • البحث عن أي كتل أو قساوة غير طبيعية.
  • عصر الحلمة بلطف بحثاً عن أي سوائل غير طبيعية.
  • جس منطقة الإبط بحثاً عن أي عقد أو تضخمات غير طبيعية.

ما هي عوامل الخطورة؟ 

هناك بعض العوامل التي يمكن التحكم بها مثل السمنة ونوعية الأطعمة والنشاط البدني، ولكن هناك عوامل لا يمكن تغييرها مثل الجنس والعمر وغيرها. تشير الدراسات الى ان حوالى 85 بالمائة من النساء اللواتي أصبن بسرطان الثدي تخطين الخمسين عاما من العمر، الأمر الذي يقودنا الى ربط الإصابة بنقص هرمون الإستروجين بعد سن اليأس؛ فكلما تقدمت المرأة في السن زاد احتمال إصابتها بسرطان الثدي، حيث يكون لعامل نقص هرمون الإستروجين دور في هذه الإصابة بهذا المرض. هناك بعض العوامل التي لا يمكن تغييرها او فعل شيء لتجنبها؛ أولى هذه العوامل هو كونك أنثى حيث ان المرأة لديها العديد من خلايا الثدي أكثر من الرجل ما يسهم في  تطوير المزيد من سرطان الثدي لديها بسبب تعرض خلايا الثدي باستمرار لآثار تعزيز النمو من هرمونات الإستروجين والبروجستيرون.  العمر هو ايضا من العوامل التي تقف المرأة عاجزة أمامها حيث ان غالبية الحالات تحدث بعد سن الخمسين.

مستويات هرمون الإستروجين لدى الإناث هي ايضا من عوامل الخطورة التي لا يمكن تغييرها، حيث تتغير مستويات الهرمونات لدى المرأة مع دورة الطمث، والنساء اللواتي بدأن أول دورة حيض لهن في سن مبكرة جدا أي قبل عمر الـ 12  سنة قد يكن معرضات لزيادة طفيفة في مخاطر الإصابة بسرطان الثدي بسبب تعرضهن للإستروجين بصورة أطول من غيرهن. العوامل الوراثية لها دور في الإصابة بسرطان الثدي إذا تمثلت بإصابة الأم أو إحدى الأخوات، وهي تمثل 5% من عدد الحالات؛ حيث ان احتمالية الإصابة بسرطان الثدي تكون أعلى في النساء اللاتي لديهن أقارب من الدرجة الأولى (أم، أخت، إبنة) مصابات بهذا المرض حيث ترتفع النسبة إلى الضعف. أما إذا كان الأقارب من الدرجة الثانية (الجدة، العمة، الخالة) سواء من ناحية الأم أو الأب فإن نسبة الإصابة ترتفع ولكن تكون أقل من الحالة الأولى.

كما ان النساء اللواتي لم تنجب أطفال والتي أنجبت بعد سن 30 سنة لديهن فرص كبيرة للإصابة بسرطان الثدي. للجينات دور في الإصابة ايضا، فبعض الناس لديهم جينات تجعلهم أكثر قابلية للإصابة بسرطان الثدي مثل الطفرات في جينات BRCA1 أو  BRCA2.

على صعيد آخر، يوجد بعض العوامل التي تزيد من فرص الإصابة الا انها قابلة للتغيير من خلال تغيير نمط الحياة، منها السمنة حيث ثبت ان لها علاقة قوية بسرطان الثدي وذلك لأنه تكون نسبة أنتاج هرمون الإستروجين أعلى ما يساعد في تطور سرطان الثدي. إنخفاض النشاط البدني يعرّض المرأة للخطر، اذ ان ممارسة مقدار متوسط من النشاط الرياضي، حتى ولو لم يتجاوز نصف ساعة من المشي يوميا، يمكن أن يساعد في تحسين فرص الشفاء لدى النساء المصابات بسرطان الثدي. الدراسات في هذا المجال تشير الى انه يمكن للرياضة أن تقلل من فرص الإصابة بسرطان الثدي عبر تذويب الخلايا الدهنية المختزنة، والتي تفرز الإستروجين الذي يحرض على نمو الخلايا المسرطنة. التدخين يزيد من فرصة المرأة في الإصابة بعدة أنواع من السرطان ، بما في ذلك سرطان الثدي.

كما ان الأطعمة الغنية بالدهون تعتبر من عوامل الخطر حيث ان سرطان الثدي يتأثر بالنظام الغذائي حيث احتمالية الإصابة تتأثر بنوع الدهون المستخدمة مثلا الدهون المشبعة مثل الذرة والسمن ودهون اللحوم تزيد من فرصة الإصابة بسرطان الثدي، أما بعض الزيوت مثل زيت الزيتون تقلل من الإصابة بسرطان الثدي. كما ان النساء اللواتي يستخدمن بدائل الهرمونات لسنوات عدة لتخفيض أعراض سن اليأس لديهن فرصة كبيرة للإصابة بسرطان الثدي.

التعرض لجرعة عالية من الإشعاع تزيد خطر إصابة النساء بسرطان الثدي. ولكن يجب التنبيه الى ان جرعة الإشعاع من الماموغرام التي تأخذها النساء في مرحلة متأخرة لا تزيد من خطر الإصابة بل تقلل الإصابة لما لهذا الفحص من فائدة. ولكن، لابد من الإشارة في هذا المجال الى أي سيدة قد تصاب بسرطان الثدي من دون وجود أي عامل من عوامل الخطورة . فوجود عوامل الخطورة لا يعني الإصابة بسرطان الثدي، كما أن عوامل الخطورة تختلف في نسبة التأثير. يوجد الكثير من النساء لديهن عوامل خطورة ولكن لا يصبن بسرطان الثدي، والعكس صحيح. عامل الخطر الوحيد المشترك بين جميع النساء هو كونك أنثى.

BRCA1 وBRCA2 وعلاقتها بسرطان الثدي

هي جينات بشرية تنتمي إلى فئة من الجينات المعروفة باسم الجينات الكابتة للورم. وفي الخلايا الطبيعية، تساعد BRCA1 وBRCA2 على ضمان استقرار المادّة الوراثية للخليّة (DNA) وتساعد على منع نموّ الخلايا غير المنضبطة. وقد تمّ ربط تحوّر هذه الجينات في تطوّر وراثي لسرطان الثدي والمبيض. وهناك ما نسبته 10 % من سرطان الثدي ناتجة عن جينات متوارثة تعرف باسم  جين سرطان الثدي BRCA1 وجين سرطان الثدي BRCA2. هذه الجينات مسؤولة عن تنظيم تكاثر خلايا الثدي بشكل طبيعي لمنع حدوث سرطان الثدي، ولكن عندما يحدث فيها خلل ما أو طفرة جينية يكون هناك زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي. يمكن فحص هذين الجينين عند النساء ومعرفة ما إذا كان فيهما خلل أو أنهما طبيعيين، ولكن ما زال هناك الكثير من الجينات التي تدرس حاليا والتي قد تكون مسؤولة عن سرطان الثدي والتي قد تكون أيضا غير متوارثة.  ثم ان إجراء هذا الإختبار يتيح للمرأة معرفة ما إذا كانت حاملة لجينات توريث هذا المرض أم لا.

فإذا تم الكشف عن خلل في جينات  BRCA1 وBRCA2  لديك فيجب  استشارة المختصين في هذا المجال. وإذا كان هناك العديد من النساء في العائلة أصبن بسرطان الثدي في سن مبكرة قبل انقطاع الطمث فإن هذا مؤشر عالي الخطورة؛ أما إذا كان هناك من النساء في العائلة أصبن بسرطان الثدي بعد سن انقطاع الطمث وعشن لسنوات عديدة بعد إكمال العلاج فإن هذا مؤشر جيد. تحتاج هذه الاختبارات إلى أخذ عيّنة من الدم. ويتمّ سحب الدم في المختبرات الطبّية والمستشفيات، وفي بعض العيادات الطبّية، ومن ثمّ يجري إرسالها إلى المختبر المتخصّص في هذه الاختبارات. وعادةً ما تستغرق النتيجة عدّة أسابيع أو فترة أطول للحصول على نتائج الاختبار. ينبغي للأشخاص الذين يقرّرون الخضوع  للاختبار التواصل مع مقدّم الرعاية الصحّية الخاصّة بهم، لمعرفة متى يمكن أن تكون نتائج الاختبار جاهزة. يسمى هذا الاختبار BRCA وهو يعتمد على اختبار للدم وتحليل للـ DNA لمعرفة ما إذا كان هناك أي طفرات أو تغيرات مؤذية في الجينين المسؤولين عن التعرض لسرطان الثدي وهما BRCA1 وBRCA2. إذا ورثت المرأة تلك التغيرات في الجينات فهذا معناه أنها عرضة للإصابة بمرض سرطان الثدي وسرطان المبيض بنسبة كبيرة. يتم إجراء هذا الإختبار على السيدات اللاتي يشتبه في إمكانية وراثتهم للمرض بناءا على تاريخ عائلاتهم المرضي. تظهر الإحصاءات أن وراثة جينات الـ BRCA يمكن أن تتسبب في إصابة 5٪ فقط بسرطان الثدي، و 10٪ – 15٪ للإصابة بسرطان المبايض.

علاجات متطورة أثمرت نتائج مذهلة 

شهد علاج سرطان الثدي تطورات ملحوظة أسهمت في شفاء الكثير من الحالات وأتاحت الفرصة للسيدات بالعيش لسنوات أطول بعد العلاج. من أهم التطورات في هذا المجال التوصل الى تقنية تتيح الفرصة للأطباء بتجنب الاستئصال الكامل للثدي والاكتفاء بإزالة الورم فقط، بالإضافة الى إمكانية إخضاع المريضة الى عملية ترميم للثدي مباشرة بعد الانتهاء من الجراحة فتخرج المريضة من غرفة العمليات من دون ان تتأذى نفسيا جراء استئصال الثدي وهو ما يسهم الى حد كبير في تجاوبها مع العلاجات التي ستخضع لها  وفق ما أثبتته الكثير من الدراسات التي ربطت بين الجانب النفسي للمريضة وتجاوبها مع العلاج.

إذا اكتشف الورم في المرحلة المبكرة وكان حجمه أصغر من 5 سم ولم ينتشر إلى الغدد الليمفاوية، يقوم الجراح بالاستئصال مباشرة، على ان تخضع السيدة بعد ذلك للعلاج الإشعاعي كخطوة وقائية لضمان القضاء على ما تبقى من خلايا سرطانية. وبعدها يصبح الثدي طبيعياً وتشفى السيدة من المرض.

اما لو اكتشفت الإصابة في مرحلة متقدمة وتعدى حجم الورم 5 سم، يبدأ الطبيب أولاً بالعلاج الكيماوي لتصغير حجم الورم والحد من انتشاره، وبعد ذلك يقوم الجراح باستئصاله وتخضع المريضة للعلاج الإشعاعي الوقائي. وإذا تم اكتشاف الحالة متأخرة بعد أن أصبح حجم الورم كبيراً وانتشر للغدد الليمفاوية وأماكن أخرى وتأثر الجلد أيضاً، فيجب البدء بالعلاج الكيماوي ثم استئصال الثدي ومن بعدها العلاج الإشعاعي.

تستهدف جرعات الإشعاع تدمير الخلايا السرطانية، وتستخدم بعد حوالي شهر من الجراحة، جنبا إلى جنب مع العلاج الكيميائي، ويمكنها أن تقتل الخلايا السرطانية المتبقية.

اما  العلاج الكيميائي، فيمكن استخدام الأدوية المعروفة باسم الأدوية السامة للخلايا لقتل الخلايا السرطانية؛ كما يمكن أيضا علاج السرطان في حال انتشر الى  أجزاء أخرى من الجسم. بعد ذلك تعطى السيدة العلاج الهرموني المناسب لهرمونات الورم للوقاية من تكرار تكون الورم. وهو عبارة عن حبوب فموية ليست لها آثار جانبية ضارة.

وتنصح التوصيات الطبية بتناولها من 5 إلى 10سنوات، ويفضل تناولها لمدة 10 سنوات. العلاج الهرموني يُعطى لحوالى 70 % من مريضات سرطان الثدي بعد إخضاعهن لفحص مخبري للورم حيث يكون لديهن مستقبلات الهرمونات ايجابي (ER, PR).  ويوجد عدة أنواع من الهرمونات وهي تعطى عن طريق الفم. ويمكن، في بعض الحالات فقط، إضافة حقنة شهرية لإيقاف الدورة الشهرية.

أثناء الجراحة، يستأصل الجراح الورم مع النسيج المحيط به ومع الكشف على غدد الإبط الليمفاوية بفحص الطب النووي وفتح فتحة صغيرة لرؤية الغدد الليمفاوية؛ إذا كانت سليمة تترك، أما لو اكتشفت إصابتها بخلايا سرطانية فتزال بالكامل في العملية ذاتها. اليوم، وبفضل التطور الطبي الحاصل، لم يعد هناك حاجة الى استئصال الثدي كليا بل يكفي إزالة العقدة الأولى لفحصها بالدرجة الأولى فإذا تبين انها سليمة لا يتم إزالة العقد المتبقية وتسمى هذه الطريقة Central Lymph Node Biopsy. تعتمد هذه الطريقة على حقن الثدي بمادة ملونة أو مادة إشعاعية أو كليهما معاً على ان تتجه هذه المادة إلى العقد الليمفاوية في الإبط، فيقوم الطبيب بإجراء شق جراحي بسيط ويزيل عقدة أو بعض الغدد الليمفاوية التي أخذت الصبغة أو المادة المشعة، ثم تُفحص هذه الغدد تحت المجهر للتأكد من وجود السرطان من عدمه، فإذا كانت مصابة يقوم الطبيب بتنظيف بقية العقد الليمفاوية في الإبط واستئصالها وإذا لم تكن مصابة فلا تخضع المريضة لعملية استئصال الغدد.

العلاج الموجّه يعتبر من العلاجات الحديثة التي تستخدم في علاج سرطان الثدي بعد ان أثبتت نسبة نجاح عالية. حيث انه يعمل مباشرة على لخلية السرطانية ليحد من انقسامها وتكاثرها ويقطع عليها الطريق قبل ان تنتقل الى عضو آخر من أعضاء الجسم، حيث تركز العديد من هذه العلاجات على البروتينات المسؤولة عن إدارة نظام الاتصالات بالخلايا لتؤثر على وظائفها وعلى نشاطها من خلال إرسال إشارات لها تعد بمثابة الأوامر التي ينبغي أن تقوم بتنفيذها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى