سرطان عنق الرحم إجراءات الوقاية والتوعية خفّضت نسبة الإصابة الى النصف
انه عدو المرأة الثاني بعد سرطان الثدي، وكما باقي أنواع السرطانات والأمراض فإن الكشف المبكر والمتابعة الدورية لدى الطبيب المختص تجنب المرأة الإصابة بسرطان عنق الرحم لاسيما إجراء فحص الزجاجة (PAP Smears) ودوره الفاعل في اكتشاف أي تغير في الخلايا، الأمر الذي يقي المرأة من أي تعقيدات او مشاكل صحية هي بغنى عنها. ولعل هذا المرض هو من أكثر الأمراض التي استفادت من التطور الطبي؛ فمن جهة يمكن للسيدة ان تجري فحص الزجاجة سنويا كإجراء وقائي، ومن جهة ثانية فان اللقاح ضد فيروس الورم الحليمي البشري في مرحلة معينة من العمر كفيل بدوره في توفير الوقاية اللازمة للمرأة. واكتشاف المرض قبل ظهور عوارضه السريرية أي قبل ان تتحول الخلايا الى سرطانية كفيل بالوصول الى الشفاء التام بنسبة 100 %. ثم ان هذه الإجراءات كانت كفيلة بخفض نسبة الإصابة بسرطان عنق الرحم الى النصف تقريبا في السنوات الأخيرة.
سرطان عنق الرحم اذن هو ذلك المرض الخبيث الذي ما ان تبدأ أعراضه بالظهور يكون قد بدأ ما يحتّم على المرأة عدم إهمال الزيارة الدورية الى الطبيب المعالج؛ ومن ابرز الأعراض نزيف مهبلي غير طبيعي سواء ما بين الدورات الشهرية او بعد العلاقة الزوجية او عند زيادة عدد أيام الدورة الشهرية، بالإضافة الى زيادة الإفرازات المهبلية مع آلام في منطقة الحوض او آلام أثناء العلاقة مع الزوج.
فيروس الورم الحليمي البشري
التجارب السريرية الواسعة أظهرت أن لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) آمن تماماً ويقي بنسبة 70% من أسباب حدوث المرض نتيجة للإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري، حيث ينقسم إلى 30 أو 40 نوعا أهمها النمط 16 و8 المسؤولان عن الإصابة بمرض عنق الرحم، وقد تتسبب في سرطانات أخرى مثل سرطان الفرج والمهبل، غير أن هناك نمطان آخران هما 6 و11 مسؤولان عن حدوث الثآليل التناسلية.
هذا اللقاح لا يعالج أي نوع من أنواع فيروسات الورم الحليمي البشري التي قد تصاب بها المرأة قبل التطعيم، غير أنه يشكل لها حماية ضد أنواع أخرى من الفيروس، ويتم إعطاؤه عن طريق الحقن العضلي أو تحت الجلد، مرة واحدة في العمر، على ثلاث جرعات خلال فترة 6 أشهر، على أن تكون الجرعة الثانية عقب شهر إلى شهرين من الأولى، والثالثة عقب ستة أشهر من الأولى؛ ينصح بإعطائه للفتيات في الفئة العمرية ما بين 11-14 عاماً، ويمكن أخذه أيضاً حتى سن 26 سنة، وتحديدا قبل بضع سنوات من الزواج أي قبل البدء بالنشاط الجنسي.
مسحة عنق الرحم
فحص الزجاجة او مسحة عنق الرحم، تختلف التسميات ولكن الهدف واحد وهو أخذ عينة لفحص نوعية الإفرازات الموجودة في المهبل ومعرفة ما اذا كانت فطرية أو جرثومية، حيث يقوم الطبيب النسائي بأخذ مسحة من ظاهر عنق الرحم ومن باطنه لإرسالها الى المختبر وفحصها لمعرفة نوعية الخلايا وكشف أي متغيرات قد تحدث فيها، حيث تكشف هذه المسحة عن التغيّرات النسيجية ما قبل السرطان وعن السرطان.
ورغم انها من أقدم الطرق للكشف عن السرطان، الا انها من اهم الاجراءات الروتينية التي ينبغي على كل امرأة متزوجة القيام بها لما لها من فائدة كبيرة في الكشف عن الأمراض السرطانية وكذلك الالتهابات المهبلية وغيرها.
ومن ابرز الأمراض التي تكشف عنها مسحة عنق الرحم:
- الأمراض السرطانية حيث يتم اكتشاف أي تغير يطرأ على الخلايا في مرحلة ما قبل السرطان؛ يصنف هذا الفحص تلك الخلايا إلى ثلاثة أنواع حسب قرب تحولها إلى سرطان وهي أنواع خفيفة التحول، متوسطة، أو كبيرة التحول وهي التي يمكن أن تتحول إلى سرطان عنق الرحم خلال عام أو ثلاثة أعوام، أما الأنواع الخفيفة فهي يمكن أن تتحول الى خلايا سرطانية في فترة تتراوح ما بين 15-20 عام وهي مؤشرات مبكرة توضح تحول الخلايا ما يساعد في العلاج في الوقت المناسب إذ تم إجراء المسحة بشكل دوري.
- الالتهابات المهبلية مثل الإصابة بمرض كثرة البكتيريا والتي تنتج عن بكتيريا تؤدي إلى وجود افرازات غير طبيعية، ومن المعروف وجود بكتيريا عصوية في المهبل الطبيعي والتي تعمل على توفير وسط مائل للحموضة فيه وهي عامل هام لصحة المهبل.
- الالتهابات الفيروسية حيث يتم الكشف عن التهاب الهربس وهو من الالتهابات الجنسية وينبغي علاجه على الفور لانه من الأمراض الخطيرة على المرأة الحامل التي تلد ولادة طبيعية إذ يمكن أن يسبب اعاقة أو وفاة للمولود أثناء خروجه من المهبل.
- الأمراض الفطرية والتي تسبب أيضا الإفرازات المهبلية غير الطبيعية، الحكة واحمرار المهبل ومن أشهر هذه الفطريات الكانديدا، ويتم علاجها باستخدام مضاد الفطريات.
- الكشف عن الطفيليات والتي تحدث بسبب الإفرازات الكثيرة غير الطبيعية، حيث تسبب رائحة وحكة جلدية ومن أشهرها الترايكوموناس التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي ويتم علاجها بمضاد حيوي للزوجين معا في وقت واحد .
- بعض أسباب العقم : تكشف مسحة عنق الرحم عن نقص بعض المغذيات مثل حمض الفوليك والذي يؤدي نقصه لبعض التغيرات في الخلايا العمودية في هذه المنطقة، ما يجعله بيئة غير مناسبة للحيوانات المنوية، وهو مرض يصيب النساء في المجتمعات الفقيرة.
- لحميات عنق الرحم : تتكاثر أحيانا الخلايا العمودية المغطية للقناة المؤدية للرحم ، فتتعرض لكثرة الالتهابات نتيجة الاحتكاك ما يؤدي الى تكوّن لحميات داخل هذه القناة والتي تصبح مصدر لنزيف المهبل خاصة بعد الجماع، كما تسبب ألما في أسفل البطن حيث أن هذه اللحمية تقوم بإغلاق قناة عنق الرحم ما يدفع الرحم للتقلص لطرد دم الحيض أو الإفرازات المختلفة.
- ضمور المهبل : يلعب هرمون الاستروجين دورا هاما في التغيرات الملموسة التي تطرأ على المهبل، إذ أن توافر الهرمون بنسبة كبيرة يؤدي سلامة المهبل والخلايا السطحية المغلفة له، كما أن نقصه يؤدي لعدم نضج هذه الخلايا وزيادة فرصة الإصابة بالتقرحات أثناء العلاقة الحميمية ومن ثم الالتهابات، كما يساعد الكشف عن ضمور المهبل على اكتشاف سن اليأس للمرأة.
- فيروس الإيدز أو نقص المناعة الذاتية وهو من الأمراض الجنسية المنتشرة في الغرب، ويعتبر من الأمراض الخطيرة المسببة لسرطان عنق الرحم.
سبل العلاج
عند استفحال المرض، لا بد من اتباع خطة علاجية وفق حالة المريضة ومدة انتشار المرض حيث يوجد سبل عدة للقضاء عليه منها استئصال الرحم في حال كانت الحالة متقدمة وهي من الطرق المتبعة تحديدا لدى النساء اللواتي قطعن مرحلة الانجاب، اما اذا كانت المرأة لا تزال في عمر يسمح لها بالانجاب وترغب بذلك فان الامر يتطلب مناقشة واضحة مع الفريق الطبي لمعرفة مدى امكانية الحفاظ على الرحم.
فالطبيب قد يضطر إلى استئصال الرحم وحده أو مع ملحقاته وهي قناتي فالوب والمبيضين تبعاً لحالة المرض ودرجة تقدمه، حيث يمكن استئصاله عن طريق المهبل، وهي الطريقة الأقل ألماً وتحتاج وقتاً أقل للتماثل للشفاء وتعود السيدة لممارسة نشاطاتها اليومية بوقت أسرع؛ أما الطريقة الثانية فهي عن طريق إجراء شق في أسفل البطن، قد يصل طوله إلى 20 سم وهي الطريقة المثلى في حالات سرطان الرحم أو وجود الألياف الكبيرة، والثالثة تكون عن طريق المنظار بإحداث ثلاثة جروح صغيرة أحدها في السرة حيث يتم إدخال كاميرا داخل البطن واستئصال الرحم بعد تقطيعه إلى قطع صغيرة.
العلاج الكيميائي ايضا من خيارات العلاج المتاحة امام المريضة ولكن يجب الاخذ بعين الاعتبار الضرر الذي قد يصيب مبيض المرأة أو أجزاء أخرى من الجهاز التناسلي مسببا صعوبة في الحمل أو عملية الولادة؛ ومع ذلك، لا يزال هناك احتمال أن المرأة قد تصبح حاملا بعد أن تخضع للعلاج الكيميائي وذلك باستخدام علاجات الخصوبة.
خيار العلاج الإشعاعي ايضا يمكن أيضا أن يسبب الضرر التناسلي، وقد يتم تصميمه في بعض الأحيان بطرق أكثر حماية للجهاز التناسلي، ولكن في حالة سرطان الرحم قد يكون هذا صعبا.
قد يكون هناك نهجاً أكثر تحفظاً باستخدام الهرمونات، بدلا من العلاج الكيميائي أو الإشعاع، لمكافحة السرطان خاصة للنساء المعنيات بالحفاظ على مستويات الخصوبة لديهن.